للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اخْسَأْ، فلن تَعْدُوَ قَدْرَك، فإنما أنتَ من إخوان الكُهَّان". وقال له (١): "ما تَرى؟ " قال: أرى عرشًا على الماء، وقال: يأتيني صادقٌ وكاذبٌ. وذلك العرشُ هو عرشُ إبليس. وقد ثبتَ في صحيح مسلمٍ (٢) عن جابرٍ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الشيطان يَنصِبُ عرشَه على البحر، ويَبعَثُ سراياه".

وأما كراماتُ أولياء الله تعالى فيها الإيمان والتقوى، سببُها ما أمر الله به من الأعمال الواجبات والمستحبات، وأكابرُ أولياءِ الله يقتدون بنبيّهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا يستعملون الخوارق إلاّ لحاجةِ المسلمين، أو لحجَّةٍ في الدين، كما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما تَجرِي الخوارقُ على يديه لحجَّةِ للدين أو لحاجة المسلمين، كتكثير الطعام والشراب عند الحاجة.

والأحوال التي تحصُلُ عند سماع المكاء والتصدية والشرك كلُّها شيطانية، ولهذا تَبطُل أحوالُهم إذا قُرِئتْ عليهم آية الكرسي، فإنها تَطرُد الشيطانَ، وإذا أرادوا (٣) دعوا شيوخهم وتوجَّهوا إلى ناحيتهم جاءتهم الشياطين، وقد تتكلم على ألسنتهم حالَ الوجدِ الشيطاني بكلامٍ لا يَفهمُه صاحبُه إذا أفاق، كما يتكلم الجنّي على لسانِ المصروع، وقد يطير أحدُهم في الهواءِ. فهذا ونحوه من الأحوال الشيطانية.

وأما كرامات أولياء الله كمثل ما جرى للعلاء بن الحضرمي لما غزا البحرين، فمشى هو والعسكرُ الذي معه بخيولهم على البحر، فما


(١) أخرجه مسلم (٢٩٢٥) والترمذي (٢٢٤٧) عن أبي سعيد الخدري.
(٢) برقم (٢٨١٣).
(٣) في نسخة برنستون: "ردوا"، وفي هامشها: "صوابه: استعانوا". والمثبت من نسخة الظاهرية.