للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثيرون (١) = تجري بينهم المفاوضةُ في كلام ابن العربي وذويه، فيرون فيه ما يُقْبَلُ وهو مِن أحسن الكلام، وفيه ما يَعْزُب فهمُه عن أكبر المميِّزين فضلًا عن العوامّ.

ثم إنهم تأملوا حقيقة ما يقصدُه في "فصوص الحكم" ونحوها مما هو خلاصة معارفه وحقائقه، وما يقصدُه من جرى على طرائقه، كابن سبعين المغربي في كتاب "البُدِّ" و"الإحاطة"، والعفيف التِّلِمْساني في شروحه (٢) وقصائده، ومثل أواخر قصيدة ابن الفارض المسماة "نظم السُّلوك"، ومثل كلام الصَّدر القُونَوي في كتاب "مفتتَح غيب الجمع والوجود" ونحوه، ومثل كلام عبد الله (٣) الشيرازي البِلْياني، ونحو هذه الطائفة الحادثة في دولة التتار = فوجدوا حقيقة أمرهم هو تعطيلُ الصانع، وجحدُ الخالق، وهو باطنُ مذهب الفرعونية والقرامطة الباطنية.

وهم معترفون بأن قولهم هو حقيقة قول فرعون؛ إذ ليس عندهم للخلق ربٌّ خالقٌ متميزٌ عن المخلوق، بل المخلوق عينُ الخالق، والمصنوع عينُ


(١) ذكر السخاوي طوائف منهم في "القول المنبي". وانظر: "العقد الثمين" لتقي الدين الفاسي (٢/ ١٦١ - ١٩٩)، و"القلائد الجوهرية" لابن طولون (٥٣٨).
(٢) كشرح الأسماء الحسنى، وشرح مواقف النفري.
(٣) الأصل: "أبي عبد الله"، لعله من سهو الناسخ، وعلى الصواب في "الجواب الصحيح" (٤/ ٤٩٨)، و"مجموع الفتاوى" (٢/ ٨٠، ١١٥، ٢٩٤، ٢٩٧).
وهو عبد الله بن مسعود بن محمد بن علي البلياني الشيرازي الصوفي، توفي سنة ٦٨٦. له رسالة في الوحدة المطلقة وحديث "من عرف نفسه فقد عرف ربه"، نسخها الخطية كثيرة. وانظر: "معجم المؤلفين" (٦/ ١٥٠).