حتى يبعث إليه رسولًا، كما نطق بذلك الكتاب والسنة. وإذا جاء الرسول بالآيات ثبتَ الوجوب، ولزم العباد أن يؤمنوا به، واستحقّوا الذمَّ والعقاب إذا لم يؤمنوا، سواء نظروا أو لم ينظروا، فالوجوب لا يتوقف على النظر باتفاق الناس، وشرط العقاب التمكّن من العلم والعمل. والعبد متمكِّن من معرفة صدق الرسول، فإذا لم ينظر ولم يعلم كان مفرّطًا مستحقًّا للعقاب.
وقول السائل: بِمَ تثبت النبوات؟
فثبوتها في نفس الأمر بإنباء الله للأنبياء وإرساله الرسل. وأما ثبوتها في أنفسنا وعلمنا بها بالآيات والبراهين التي جاءت بها الأنبياء عليهم السلام، فاستدللنا بعقولنا بتلك الأدلة والآيات على صدقهم، كما يُستدلّ بكلّ دليل صحيح على مدلوله.
وقوله: بِمَ استدل به إبراهيم عليه السلام؟
فيقال: استدلّ بالأدلة العقلية، لكنه استدلَّ بالأفول ــ الذي هو الاحتجاب والمغيب ــ على أنَّ مَنْ كان كذلك لا يصلح أن يُتخذ ربًّا، فإن قومَه كانوا يعبدون الكواكب والأصنام لظنهم أن ذلك ينفعهم، وكانوا يشركون بالله، ولم يكونوا منكرين للصانع.
ولا أراد إبراهيم بقوله:{هَذَا رَبِّي} أنّ هذا خالق السموات والأرض؛ فإن هذا لا يقوله عاقلٌ، ولم يقله أحدٌ من بني آدم، ولا استدلّ بالحركة والانتقال على انتفاء هذا المطلوب، بل ما زال الكوكب من