للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حين رآه إلى أن أفل سائرًا وهو لا يستدل بحركته على شيء، وإنما استدل بالأفول والاحتجاب.

وكان الواحد منهم يتخذ له كوكبًا يعبده يستجلب بذلك نَفْعَه، وكانت الشياطين تتنزَّلُ عليهم وتخاطبهم، كما يحصل لأهل دعوة الكواكب. فبيَّن الخليلُ عليه السلام أنّ المعبود الذي يستحقّ العبادة هو الذي يكون حيًّا قيّومًا عالمًا قادرًا مُدبّرًا لعباده في كلّ وقت، فإنه لا يُستغنى عنه في وقت من الأوقات، والآفل المُحْتجب الذي ليس بشهيدٍ على عابده، ولا بسميعٍ لأقواله، ولا قادرٍ على تدبيره= لا يصلح لذلك. فهذا ونحوه وجه حجة إبراهيم.

ولهذا لمَّا حاجّه قومُه قال: {قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٠ - ٨٢] وقال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: ٨٣] وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} الآية [البقرة: ٢٥٨].