للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذنٍ من الله، مثل بدع الخوارج، واستحلالهم (١) ما استحلُّوه من مفارقة السنة والجماعة، حتى قال شاعرُهم (٢) في قاتل علي بن أبي طالب- وهو أشقى الآخرين عبد الرحمن بن مُلجم قاتل علي-:

ياضربةً من تَقيٍّ ما أرادَ بها ... إلا ليَبلُغَ من ذي العرشِ رضوانَا

إني لأذكره حينًا فأحسبُه ... أو فَى البريةِ عند الله ميزانَا

وكذلك ما عليه كثير من القدرية والمرجئة والجهمية والرافضة، وغيرهم من أهل البدع الاعتقادية إذا كانوا فيها مخلصين مُريدينَ التقربَ بها إلى الله.

وكذلك ما عليه كثيرٌ من المبتدعة في العبادات والأحوال، من الصوفية والعبَّاد والفقهاء والأمراء والأجناد والولاة والعمال، فكثير من هؤلاء قد يُزيَّن له سوءُ عملِه فيراه حسنًا، ويتقرب إلى الله بشيء يظنه حسنًا، وهو شيء مكروه، وهذا باب واسع.

ومن هذا الباب عبادات اليهود والنصارى التي يتقربون بها إلى الله ويُخلصون فيها، قال الله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (٣)، وسئل عنهم سعد بن أبي وقاص فقال: "هم أهل الصوامع والديارات" (٤). وسُئل عنهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالى: "هم أهل


(١) في الأصل: "ولاستحلالهم".
(٢) هو عمران بن حطّان، كما في الكامل للمبرد (٣/ ١٠٨٥).
(٣) سورة الكهف: ١٠٣، ١٠٤.
(٤) أخرجه البخاري عنه (٤٧٢٨).