للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي سنن أبي داود (١) أيضًا عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "إنه سَتكونُ هِجْرةٌ بعدَ هِجرةٍ، فخِيارُ أهلِ الأرضِ ألزَمُهم مُهاجَرَ إبراهيم، ويَبقى في الأرض شرَارُ أهلِها تَلفِظُهم أَرضوهُم، تَقْذَرُهم نفسُ الرحمن، تَحشُرُهم النارُ مع القِرَدة والخنازيرِ".

وفي صحيح مسلم (٢) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا يزالُ أهل الغَرْب ظاهِرين".

قال الإمام أحمد: أهل الغرب هم أهل الشام. يعني: ومن يغرب عنهم؛ فإن التَّغْريب والتشريقَ من الأمور النِّسبية، والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تكلَّم بذلك وهو بالمدينة النبوية، فما تغرب عنها فهو غَرْب المدينة، كما أن حران والرقَّة ونحوهما خلف مكة.

والكلام في هذا ونحوه يطولُ ويَتَعَذَّر، بحيث لا تحتمله هذه الفتوى، لكن هذه الأمور المُتيسّرة تعود إلى أفضل الأحوال: الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله كما ثبت ذلك بالنصوص. وقد قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)) (٣).

فالجهاد تحقيق كون المؤمن مؤمنًا؛ ولهذا روى مسلم في صحيحه (٤) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "مَن مات ولم يَغْزُ ولم يُحَدِّث


(١) برقم (٢٤٨٢).
(٢) برقم (١٩٢٥).
(٣) سورة الحجرات: ١٥.
(٤) برقم (١٩١٠).