للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن إذا كان المنذور طاعة لله تعالى -مثل الصلاة المشروعة والصوم المشروعِ والحج المشروع والصدقة المشروعة ونحو ذلك- فهذا يجب أن يُوفَى، وإن كان عَقْدُه مكروهًا، لقولِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من نَذَر أن يُطيع الله فليُطِعْه، ومن نَذَر أن يَعصِيَ الله فلا يَعْصِه" (١).

وأما إذا كان المنذورُ ليس طاعة لله فلا يجب الوفاء به، بل عليه كفّارةُ يمينٍ لتركِه عند طائفة من أهل العلم، لما ثبتَ في الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "كفارةُ النذر كفارةُ يمين" (٢). وفي السنن عنه أنه قال: "لا نذرَ في معصية، وكفارتُه كفارةُ يمين" (٣).

وأما إذا كان المنذور معصيةً، مثل أن ينذرَ لوثنٍ من الأوثان: كالنذر للأصنام التي كانت تَعبُدها العرب، والبُدود التي تعبدها الهند والزُّطُّ (٤)، والنذر لكنيسةٍ أو بيْعةٍ، أو النذر لغير نبي أو رجلٍ صالح أو غير ذلك، فهذا كلُّه لا يجوَز الوفاءُ به بإجماعِ المسلمين.

وإن كان في المنذور طاعة ومعصية أُمِرَ بفعل الطاعة ونُهِيَ عن فِعل المعصية، وإن كان الناذرُ يَعتقد أنها طاعة، كما في صحيح البخاري (٥) عن ابن عباس قال: كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب، إذا هو برجلٍ قائم، فسألَ عنه، فقالوا: أبو إسرائيلَ نَذَر أن يقومَ في الشمس، فلا يقعدَّ وَلا يَستظلّ ولا يتكلَّم، ويصوم، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مُرُوهُ فلْيتكلمْ


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (١٦٤٥) عن عقبة بن عامر.
(٣) أخرجه أبو داود (٣٢٩٠ - ٣٢٩٢) والترمذي (١٥٢٤، ١٥٢٥) والنسائي (٧/ ٢٦، ٢٧) وابن ماجه (٢١٢٥) عن عائشة.
(٤) في الأصل: "الخطا"، وهو تحريف.
(٥) برقم (٦٧٠٤).