للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة: في رجلٍ أسرف على نفسه في الاعتقادات والعمليات، إذا تاب إلى الله هل تُقْبَل توبته؟

وهل إذا تاب يَسْقُط عنه قضاءُ ما فرَّط فيه من الفرائض، كالصلاة والصيام، كما يَسْقُط عن الكافر إذا أسلم؟ وتَسْقُط عنه كفَّاراتُ الفطر في رمضان بجماعٍ وطعام؟

وعليه صلواتٌ لم يَعْرِف عددَها.

الجواب: نعم، يقبل الله توبته وتوبة كلِّ تائب، ويغفر لكلِّ تائبٍ كلَّ ذنبٍ تاب منه، قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣].

وأما ما تركه من الصلاة والصيام، فإن كان عن ردَّةٍ في الباطن، مثل جَحْدِ الوجوب، أو شكٍّ فيه، أو في رسالة الرسول، فهذا لا قضاء عليه عند جمهور المسلمين، مالك، وأبي حنيفة، والإمام أحمد في ظاهر مذهبه (١).

ولو كان مرتدًّا مُظْهِرًا للردَّة، فإن الذين ارتدُّوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى عهد أبي بكر - رضي الله عنه -، ثم عادوا إلى الإسلام، لم يؤمر أحدٌ منهم بقضاء ما تركه في زمن الردَّة، مثل عبد الله بن سعيد بن [أبي] سَرْحٍ، وغيره (٢).


(١) انظر: "الأوسط" (٢/ ١١٥، ٤/ ٣٩٦)، و"الإشراف" (٢/ ٢٢٢)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي (١/ ٣١٩)، و"المغني" (٢/ ٤٨، ٤٩).
(٢) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٤٦، ١٠٣).