للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميتَ كما ثبت في الصحيحين (١): أن سعدًا قال: يا رسول الله! إن أمي افْتُلِتَتْ نفسَها، وأراها لو تكلمتْ لتصدقتْ، فهل ينفعها إن أتصدقْ عنها؟ قال: "نعم ". فما كان جوابُ هذا المحتجّ عن الدعاء والصدقة عن الميت كان جوابًا لغيره عن الصيامِ عنه ونحوِ ذلك من العبادات.

وقد ذكر الناس عن الآية أجوبةَ متعدد (٢)، على أنها منسوخةٌ، وقيل: مخصوصة، وقيل: مختصة بشرعِ مَن قبلنا، وقيل: سببه الإيمان الذي هو شرط وصول الثواب من سَعْيِه.

والآية لا تحتاج إلى شيء من هذا، فإن الله أخبرَ عما في الصحف أنه (لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)) (٣)، ولم يقل: لا يَنتفعُ إلاّ بما سعى، وأنَ الإنسان فيما ينتفع به في الدنيا قد ينتفع بما يَملِكه وبما لا يَملِكه، فلا يلزم من نَفْيِ الملكِ نَفْي الانتفاع، لكن هو يستحقُّ الثوابَ على سَعْيِه لأنه حفُه، فلا يَخاف منه ظلمًا ولا هَضْمَا، وأما سعيُ غيرِه فهو لذلك الغير، فإن سعَى له ذلك الغيرُ أثابَ الله ذلك الساعيَ على سَعْيه، ونفعَ هذا مِن سَعْيِ ذلك بما شاء، كما يثيبُ الداعيَ على دعَائِه لغيره وينتفع المدعوُّ له. كما ثبت في الصحيح (٤) أنه قال: "ما من رجلٍ يدعو لأخيه بظهرِ الغيبِ


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظر تفسير القرطبي (١٧/ ١١٤ - ١١٥).
(٣) سورة النجم: ٣٩.
(٤) سبق تخريجه.