للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لم يكن نَقْع أو لقلقلة.

وأما قبرُ الخليل عليه السلام قالت العلماء على أنه حق، لكن كان مسدودًا بمنزلةِ حجرةِ النبي، ولم يكن عليه مسجد، ولا يصلِّي أحدٌ هناك، بل المسلمون لما فتحوا البلادَ على عهد عمر بن الخطاب بنوا لهم مسجدًا يصلُّون فيه في تلك القرية منفصلاً عن موضع الديْر، ولكن بعد ذلك نُقبتْ حائطُ المقبرةِ كما هو الآن النقبُ ظاهرٌ فيه، فيُقال: إن النّصارى لما استولَوا على البلاد نَقبوه وجَعلوه كنيسةً، ثم لما فتحَه المسلمون لم يكن المتولي لأمرِه عالمًا بالسنة حتى يَسُده ويتخذَ المسجدَ في مكانٍ آخر، فاتخذ ذلك مسجدًا وكان أهل العلم والدين العالمون بالسنة لا يُصلون هناك.

فصل

الأصل الثاني: أن هذه المشاهد والقبور المضافة إلى الأنبياء والصالحين إنما اضطربَ النقلُ فيها ووقعِ فيها الكذبُ والاشتباهُ لأن ضبطَها ليسَ من الدين، والله تعالى قد ضمنَ حفظَ ما نزلَه من الذكر بقوله: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)) (١)، والله قد نزل الكتابَ والحكمة، كما قال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ) (٢)، والحكمة: السنة، كما قال ذلك


(١) سورة الحجر: ٩.
(٢) سورة البقرة: ٢٣١.