للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا كان التكبير مشروعًا على مشاهدة ماله نوع من العظمة في المخلوقات، كالأماكن العالية، والشياطين تهرب عند سماع الأذان، والحريقُ يُطفَأ بالتكبير، فإن مَرَدَة الإنس والجن يستكبرون عن عبادته ويَعلُون عليه ويُحادُّونه، كما قال عن موسى وجاءهم رسول كريم: (وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٩)) (١). فالنفوس المتكبرة تَذِلُّ عند تكبيره سبحانه.

والتهليل يمنع أن يُعبَد غيرُه، أو يُرجَى أو يُخَاف أو يُدعَى، وذلك يتضمن أنه أكبر من كل شيء، وأنه مستحقٌّ لصفات الكمال التي لا يستحقها غيرُه، فهي أفضل الكلمات، كما في الصحيحين عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "الإيمان بضع وسبعون شعبةً أو ستون، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" (٢).

وفي حديث "الموطأ" (٣): "أفضل ما قُلتُ أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". وفي سنن ابن ماجه (٤) وكتاب ابن أبي الدنيا (٥) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله".

وهذه الكلمة هي أساس الدين، وهي الفارقة بين أهل الجنة


(١) سورة الدخان: ١٩.
(٢) أخرجه البخاري (٩) ومسلم (٣٥) عن أبي هريرة.
(٣) ١/ ٤٢٢، ٤٢٣ عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مرسلًا. وصححه الألباني لشواهده في "الصحيحة" (١٥٠٣).
(٤) برقم (٣٨٠٠) عن جابر. وأخرجه أيضًا الترمذي (٣٣٨٣) والنسائي في الكبرى (٦/ ٢٠٨).
(٥) كتاب الشكر (١٠٢).