للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عملُه صالحًا خالصًا لله.

وهذا الإسلام الذي هو الإسلام لله -إذْ إسلام الوجه لله وهو محسنٌ يستلزمُ أصلَ الإيمان- لا يمكن أن يكون صاحبُه منافقًا محضًا، فإن المنافق المحض لا يكون مسلما لربّ العالمين ولا مسلمًا وجهَه لله، لكن قد شارك أصحابَه في الإيمان، لأن الإسلام قد يتضمن القصد والعمل، والإيمان يتضمن العلم والحبّ، ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما رواه أحمد في المسند (١): "الإسلام علانيةٌ، والإيمان في القلب ". وكذلك حديث جبريل (٢). فصاحبه قد يكون معه أصلُه لا كمالُه. وأما مطلق لفظ المسلم فقد يكون أسلم رغبةً أو رهبةً من الخلق ولم يُسلِم لله، وهذا قد يكون منافقًا محضًا.

وأما لفظ الإسلام المطلق فقد يكون لله، وقد يكون لغير الله، وقد يُظهر صاحبُه أنه أسلم لله، قال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) الآية (٣)، وكذلك قال في قصة لوط: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٤). وكذلك حديث سعد بن أبي وقاص الصحيح (٥): لما أعطى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجالاً ولم يُعطِ رجالاً كان أعجب إلى سعد مما أعطى، فقلت: ما لكَ


(١) ٣/ ١٣٤ من حديث أنس.
(٢) أخرجه البخاري (٥٠) ومسلم (٩) عن أبي هريرة.
(٣) سورة الحجرات: ١٤.
(٤) سورة الذاريات: ٣٥ - ٣٦.
(٥) البخاري (٢٧) ومسلم (١٥٠).