ما تقول السادة أئمة الدين - رضي الله تعالى عنهمِ أجمعين - في مدينة لا يُذبَحُ فيها شاة إلاّ ويأخذ المكّاسُ سقطها ورأسَها وأكارعَها مَسْكًا، ثم يضع ذلك ويبيعُه في الأسواق، وفي المدينة من لا يمنع عن شراء ذلك وأكلِه من أهل الذمة وغيرها، وليس يُباعُ في المدينة رءوسٌ وأكارعُ وأسقاطٌ إلاّ على هذا الحكم، ولا يمكن غير ذلك. فهل يَحْرُم شراءُ ذلك وأكلُه والحالةُ هذه أم لا؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب شيخ الإسلام تقي الدين -رضي الله عنه- هذه حكمُها حكم ما يأخذها الملوكُ من الكُلَفِ التي ضربوها على الناس، فإن هذه في الحقيقة تُؤخذ من أموال أصحاب الغنم التي يبيعونَها للقصابين وغيرهم، فإن المشتري يحسب أنه يؤخذ من السواقط، فيسقط من الثمن بحسب ذلك. وهكذا جميع ما يؤخذ من الكلف، فإنها وإن كانت تؤخَذ من المشتري فهي في الحقيقة من مالِ البائع.
وهذه الكُلَفُ دخَلَها التأويل والشبهة، منها ما هو ظلم محض، ولكن تعذَّرَ معرفةُ أصحابه وردها إليهم، فوجبَ صرفُه في مصالح