للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وإذا كان الله قد شرط في من له أجرُه عند ربه ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون أن يكون محسنا مع إسلام وجهه لله، دلَّ بذلك على أن الإحسان شرط في استحقاق هذا الجزاء، وهذا الجزاء لا يقف إلا على فعل الواجب، فإن كل من أدى الواجب فقد استحق الثواب، ودرأَ العقاب، وذلك يدل على أن الإحسان واجب، وقد قال تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١) والأمر يقتضي الوجوب.

وقال تعالى: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) (٢)، ومن فَعلَ الواجبَ فما عليه من سبيل، إنما السبيل على من أساء بتركِ ما أمِرَ به، أوفِعْلِ ما نُهِيَ عنه.

وقال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا) (٣) ونظائره كثيرة.

وفي الصحيح (٤) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "إنَّ الله كتبَ الإحسانَ على كل شيء، فإذا قتلتم فاحسِنوا القِتْلةَ، وإذا ذَبحتم فاحسِنوا الذِّبحةَ"، ففي هذا الحديث أن الإحسان واجب على كل حال، حتى في حال إزهاق النفوس، ناطقها وبهيمتها، فَعَلَّمَهُ أن يُحْسِن القتلةَ للَادميين والذبحة للبهائم. والإحسان الواجب هو فعل الحسنات،


(١) سورة البقرة: ١٩٥.
(٢) سورة التوبة: ٩١.
(٣) سورة النمل: ٨٩.
(٤) مسلم (١٩٥٥) عن شداد بن أوس.