للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأنه بعد كماله وتمامه عدلٌ لا ظلمَ (١) فيه.

وأما الحكمُ فهو مبدأ التكوين، مثل كونه يقول للشيء: "كن" فيكون، فهذا إذا كان نافذًا لا يردُّه شيءٌ كان دالًّا على كمال القدرة.

فوصَفَه بكمال القدرة، وكمال العدل؛ فإن العدلَ شاملٌ لكل ما خلقه، والقدرةَ متناولةٌ لكل ما شاءه.

ووصَفَ العدلَ بالتمام والكمال؛ لأن العدل المطلوب هو الغاية والنهاية.

وكلا الأمرين: القضاء، والعدل، يتعلَّقُ بالنهاية والعلَّة الغائيَّة، وهما متعلِّقان بإلهيَّته تعالى.

وأما الحكمُ فهو نَفَاذ مشيئته.

فهذا متعلِّقٌ بقدرته، وهذا متعلِّقٌ بربوبيَّته؛ فدلَّ الحديثُ على كماله في ربوبيَّته، وأنه له الملك كلُّه، وعلى كماله في إلهيَّته، وأنه له الحمدُ كلُّه، وأن إلهيَّته متضمنةٌ لربوبيَّته، كما أن ربوبيَّته مستلزمةٌ لإلهيَّته، كما أن قضاءه متضمنٌ لحُكْمِه، كما أن حُكْمَه مستلزمٌ لقضائه.

ولما كانت الإلهيَّة متضمنةً للربوبيَّة كان اسمُه الذي هو "الله" مقدَّمًا على الاسم الذي هو "الربُّ"، وكان بذلك الاسم يُذْكَر، ويُثنى عليه، ويُسَبَّح، ويُحْمَد، ويُكَبَّر في الصلوات والأذان، وغير ذلك.

ولهذا كان سبحانه يقرنُ بين اسمي: القدرة، والحكمة، كقوله: {وَهُوَ


(١) الأصل: "يظلم". والمثبت أشبه.