للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين.

قال شيخنا تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية رحمه الله:

فصل في طلاق الإيلاء

قال تعالى: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)) (١). والذي عليه جمهور الصحابة والعلماء أنه لا يقع به الطلاق، حتى تمضي الأربعة، فإما أن يفئ وإما أن يطلق، وإن طلَّق قبل ذلك جاز. وقد قالت طائفة: إن عزيمة الطلاق انقضاء الأربعة أشهر، فإذا مضت وقعَ به طَلْقَة، وهذا مذهب أبي حنيفة، والأول مذهب الثلاثة، وقولهم هو الصواب كما قد بُين في غير هذا الموضع (٢). لكن المقصود أنه متى طلق فقد قيل: إنه لا يَقَع إلاّ بائنًا لئلّا يملك الرجعة، وقيل: يقع رجعيًّا، وله الرجعة، ثم تُضرَبُ له مدة الإيلاء. وقيل: للإمام أن يطلق عنه إذا امتنع ثلاثًا.

وهذه أقوال ضعيفة، والصواب القول الآخر الذي دلَّ عليه القرآن، وهو أنه إذا طَلَّق أو طَلَّق عنه الإمامُ لم يقع إلاّ طلقة رجعية، لأن الله


(١) سورة البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧.
(٢) انظر "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٣٨١)، و"المغني" (١١/ ٤٧).