لا يزال أهل الحديث وغيرهم يَرُدُّون بعض تلك التفسيرات والتأويلات وينكرون، وذلك أشهرُ وأكثرُ من أن يُسَطَّر.
ثمّ كلٌّ من هؤلاء الممنوع من ذلك التأويل المردود تأويلُهُ معتبر، بمعنى أنه ذو ذهنٍ ذكيّ وعلمٍ واسع وفضيلةٍ جيدة، بل كثير من هؤلاء المردود عليهمِ يَعتقد أتباعُه فيه أنه أفضلُ من كثيرٍ من المعظَّمين عند غيرِه، فإن فسَّرتَ "المعتبر" بأنه المهتدي أو الذي أجمع المسلمون على أمانته، فالجواب من وجوه:
أحدها: أنا لا نُسلِّم أن تأويلَ مثلِ هذا لا يُرَدُّ، بل تأويلُه الباطل يُرَدُّ، كما تُرَدُّ فتواه الضعيفة وحديثُه الذي غَلِطَ فيه.
الثاني: أن مثل هذا لا يدخل في مطلق اسم المتكلمين عندنا، كما يَشهَدُ به استعمالُ لفظ المتكلمين.
الثالث: أنّ هذا منع لغير ما ذُكِر، فإنا قلنا: تأويل المتكلمين المخالف لتأويل المحدثين باطل، فقيل: لا نُسَلم أن تأويل من [عُلِمَ] هداه أو من استفاض عند الأمة هداه باطلٌ، ونحنُ ما ادَّعَينا هذا قَطُّ، وما ذكرناه من هذا الكلام إنما هو نزولٌ مع المخاطب، فإنه فَهِمَ من قولنا "أهل الحديث" المحدثين الذين يروون الحديث أو يحفظونه، وهذا لا يدلُّ عليه لفظُنا ولم نَعْنِه، فإنّ أهلَ الحديث هم المنتسبون إليه اعتقادًا وفقهًا وعملاً، كما أن أهل القرآن كذلك، سواء رَوَوا الحديث أو لم يَروُوه، بحيث يدخلُ في مثل هذه العبارة اسم التابعين وتابعيهم، كالفقهاء السبعة: سعيد بن المسيب وذَوِيْه، وعلقمة والأسود وطبقتهما، وعطاء وطاوس ومجاهد والحسن وابن سيرين والنخعي