للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمرو بن حُرَيث (١) بالكوفة. فهذا من تعريف الإنسان ببلده.

فأما السفر إلى مدينة أخرى ليعرِّف بها، مثل أن يسافر إلى بيت المقدس أو مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهما من المساجد ليعرّف بها= فهذا حرام ليس مشروعًا باتفاق المسلمين؛ فإنه من جنس بيتٍ يُحجّ غير البيت العتيق.

وأما السفر للتعريف عند (٢) بعض القبور، فهذا أعظم من ذلك، فإن هذا بدعة وشرك؛ فإن أصل السفر لزيارة القبور ليس مشروعًا ولا استحبَّه أحدٌ من العلماء، ولهذا لو نذر ذلك لم يجب عليه الوفاء بلا نزاع بين الأئمة؛ بخلاف مَن (٣) نذر إتيان بيت المقدس، فإنه يجب إتيانُه في أحد القولين ويستحبُّ في الآخر.

ولكن تنازع المتأخرون في السفر لزيارة القبور، فرخّص فيه بعضُهم، وكرهه آخرون، كابن بطة وابن عقيل وغيرهما، حتى قالوا: إنه سَفَر معصية فلا يجوز قَصْر الصلاة فيه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُشدّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد" (٤). فلا يُشْرَع شدّ الرحال لزيارة القبور؛


(١) الأصل: "عمر بن حرب" تحريف، والتصحيح من مصنف ابن أبي شيبة (١٤٤٧٤)، و"الاقتضاء": (٢/ ١٥٠).
(٢) الأصل: "عنده".
(٣) الأصل: "ما".
(٤) تقدم تخريجه.