للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا لم يكن أحد من الصحابة والتابعين ــ لا بعد أن فتحوا الشام ولا قبل ذلك ــ يسافرون إلى زيارة قبر الخليل عليه السلام ولا غيره من قبور الأنبياء التي بالشام، ولا زار النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من ذلك ليلة أُسري به. بل الذي ثبت في "الصحيح": أنه صلى ليلة الإسراء، صلى ركعتين ببيت المقدس (١).

والحديث الذي قيل فيه: "هذا قبر أبيك إبراهيم فانزل فصلّ فيه، وهذا بيت لحم مولد أخيك عيسى انزل فصلّ فيه" (٢) كذبٌ لا حقيقة له.

وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين يسكنون الشام، أو دخلوا إليه ولم يسكنوه مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره، لم يكونوا يرون شيئًا من هذه البقاع والآثار المضافة إلى الأنبياء، بل ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان في سفر فرأى قومًا يتَّخذون مكانًا يصلون فيه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: هذا مكان (٣) صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنحن نريد الصلاة فيه. فقال: ومكان صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! أتريدون أن تتخذوا (٤) آثار أنبيائكم مساجد! إنما هلك من كان قبلكم بهذا، من


(١) أخرجه مسلم (١٦٢) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) أخرج ابن حبان في "المجروحين": (١/ ١٩٧) وقال: وهذا شيء لا يشك عوام أصحاب الحديث أنه موضوع. وانظر "الاقتضاء": (٢/ ٣٥٢) للمصنف.
(٣) الأصل: "مكانًا".
(٤) الأصل: "تتخذون".