للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا كان السلف يُسمُّون أهلَ البدع أهلَ الأهواء، فإنهم على ضلال، والضلال مستلزم لاتباع الهوى، كما أن الهدى لازم لاتباع سبيله، وهذا الهدى الثاني كما في قوله: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (٨٢)) (١)، قال طائفة من التابعين: لزم السنة والجماعة.

ومنهم [من قال:] من عَمِلَ بما عَلِمَ ورثه الله عِلْمَ ما لم يعلم. ومن أخلص لله أربعين صباحًا تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.

وذلك أن مخلص الدين لله محفوظ من الشيطان الذي يأمر باتباعِ الهوى، كما قال تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢)) (٢)، والغي: اتباع الهوى.

وقال عنه: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)) (٣)، فالمخلص لا يُغوِيه، فلا يتبع هواه، كما قال: (لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)) (٤)، فصرف عنه الغيَّ لأجل إخلاصه.

ولما كان الإخلاص أن يكون الدين كله لله، وعلى هذا أمر بالجهاد، وهذا يوجب الاجتماع والألفة، إذ ذلك هو دين الأنبياء الذي


(١) سورهَ طه: ٨٢.
(٢) سورة الحجر: ٤٢.
(٣) سورة ص: ٨٢ - ٨٣.
(٤) سورة يوسف: ٢٤.