للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحلف بالله ثلاثًا لم يكن حلفُه إلاّ يمينًا واحدة. والطلاق مثله.

قال: ومثل ذلك قال الزبير بن العوَّام وعبد الرحمن بن عوف، روينا ذلك كلَّه عن ابن وضّاح. يعني الإمام محمد بن وضّاح الذي يأخذ عن طبقة أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة ويحيى بن معين وسحنون ابن سعيد وطبقتهم.

قال: وبه قال شيوخُ قرطبة: ابن زنباع شيخ هدًى (١)، ومحمد بن عبد السلام الخشني فقيه عصرِه، وابن بقيّ بن مخلد، وأصبغ بن الحباب، وجماعة سواهم من فقهاء قرطبة.

قلت: وقد ذكر التلمساني هذا رواية عن مالك، وهو قول محمد بن مقاتل الرازي من أئمة الحنفية، حكاه عنه المازري وغيره، ويفتي بذلك أحيانًا الشيخُ أبو البركات ابنُ تيميةَ. وهو وغيره يحتجون بالحديث الذي رواه مسلم في "صحيحه" وأبو داود وغيرهما (٢) عن طاووس عن ابن عباس أنه قال: كان الطلاق على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحد، فقال عمر بن الخطاب: إنّ الناس قد أستعجلوا في أمرٍ كانت فيه أناة، فلو أمضيْناه عليهم، فأمضاه عليهم. وفي رواية: إن أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك، ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر واحدة؟ قال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق، فأمضاه عليهم.

والذين رَدُّوا هذا الحديث تأولوه بتأويلاتٍ ضعيفة، وكل حديث


(١) كذا في الأصل، وفي المقنع: "شيخ وقتنا هذا".
(٢) سبق تخريجه فيما مضى.