للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث ظاهر لا دلالة فيه، وإمّا قياسٌ فاسد، وإمّا دعوى إجماع قد عُلِمَ انتفاؤه ووجودُ النزاعِ في تلك المسألة.

وكذلك نُفاةُ القياس مع قصورهم في فهم النصوص تجدهم قد اضْطُرُّوا إلى مقالات في غاية الفساد، كأقوال في الفرائض، فإنّ المسائل التي تنازعَ فيها الصحابةُ- كالعُمَريتَيْنِ (١) والحِمَارِية التي تُسمَّى المشتركة (٢)، وأمثال ذلك- لمّا لم يدخلوا في المعاني، ولا فهموا دلالةَ النصوص على ذلك، صاروا يعملون بما يَظنونه استصحابًا للإجماع، فيقولون في مسألة الحمارية -وهي زوجٌ وأمٌّ وابنان من ولد الأم وبعض ولد الأبوين- يقولون: قد اتفقوا على توريث ولد الأمّ، وتنازعوا في توريث ولد الأبوين، ولم يَقُمْ دليلٌ على توريثهم، فيَنْتَفِي توريثُهم لانتفاءِ دليلِه.

وهذا خطأ، فإن الإجماع إنما انعقد على أنهم يَرِثون بعضَ


(١) هما مسألتان: زوج وأبوان، وزوجة وأبوان. تسميان العمريتين لأن عمر بن الخطاب قضى فيهما، فأعطى الزوج النصف، والأم ثلث ما بقي، والباقي للأب. وأعطى الزوجة الربع، والأم ثلث ما بقي، والباقي للأب. انظر: "المغني" (٩/ ٢٣).
(٢) هي كل مسألة اجتمع فيها زوج، وأم أو جدَّة، واثنان فصاعدَا من ولد الأم، وعصبة من ولد الأبوين. سميت المشتركة أو المشركة لأن بعض أهل العلم شرًك فيها بين ولد الأبوين وولد الأم في فرض ولد الأم، فقَسَمه بينهم بالسوية. وتسمى الحمارية لأنه يُروى أن عمر رضي الله عنه أسقط ولد الأبوين، فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين، هَبْ أن أبانا كان حماراً أليست أمُّنا واحدةً؟ فشرَّك بينهم. انظر "المغني" (٩/ ٢٤).