للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين الله وبين خلقِه، فيُبَلغونهم أمرَه ونهيَه وخبرَه ووعدَه ووعيدَه، ويقطعون وساطة المخلوقات في العبادة والاستعانة والدعاء والتوكل، فلا يُعبَد إلاّ اللهُ، ولا يتوكَّلُ إلاّ عليه، ولا يُدعَى إلاّ هو، فإنه لا ربَّ غيرُه، ولا خالقَ غيرُه، ولا إلهَ سواه. وكل ما خلقَه من الأسباب فإنه موقوف على سبب آخر يَشْرَكه ويُعِينُه، وله مانع يَحجُبه ويُعوقُه، فما من الموجودات شيء يستقل بالتأثير غيرُ الله، بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وكل ما جُعِل سببًا كإحراق النار فلابد له من مُعين، وهو قبولُ المحلّ، وقد يَحصُل مانع كما حصل في نار إبراهيم،/وبهدى الرسل ودعائهم يهتدي الخلق، ولكن هدى الخلق موقوف على قبولهم.

وقد يكون القلبُ مائلاً للهدى، لكن يَحصُلُ له مانع يُعَارِضُه، كما قال: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون (١١٢)) (١). وقال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون (٩٩)) (٢).

وقال تعالى: (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧)) (٣). وقال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْر


(١) سورة الأنعام: ١١٢.
(٢) سورة آل عمران: ٩٩.
(٣) سورة الزخرف: ٣٧.