للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد بيَّن كلامَه بكلامِه، فلا يكون كلامُ الله ورسوله محتاجًا في البيان إلى ما يُحدِثُه المُحدِثون.

المسلك الثالث: أن يُسلِّموا أن كل تأويل قام عليه دليلٌ سمعي أو عقليٌّ فإنه يجب قبولُه، لكن يطالبون منازعيهم بالدلائل القطعية فيما إذا [كانت] حاجةٌ إلى التأويل، ويُثبتون أن ذلك لم يُخالِفْ دليلًا قطعيًّا، لا عقليًّا ولا سمعيًّا، بل يُبيَّن أن العقل الصريح يُقرِّر ما أثبتَه السمعُ، وأن العقل الصريح لا يخالف النقلَ الصحيح أصلًا، كما يُبيَّن أن ما دلَّ عليه القرآنُ من أن اللهَ مُباينٌ لمخلوقاتِه (١) قد دلَّ عليه العقلُ، وأنّ العقلَ يُثبتُ مباينتَه للمخلوقات، والسمعُ زادَ على ذلك وأثبتَ الاستواءَ علىَ العرش، وذلك لا يُعلَم بالعقل، فالسمعُ أثبتَ ما عَلِمَ العقل وزادَ عليه وفَضَلَه، لأن الرُّسُلَ بُعِثَتْ بتكميلِ الفطرة وتقريرِها، لا بتحويلِ الفطرةِ وتغييرها. والله أعلم.

(تمت بحمد الله وعونِه وحُسنِ توفيقه، وصلواته على سيّدنا محمدٍ خيرِ خلقِه محمد (٢) وآلِه وصحبِه وسلّم تسليمًا كثيرًا كثيرًا، بتاريخ خامس شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين وسبعمئةٍ).

***


(١) بعده في الأصل: "إذ هو بدو العلم"، وهي عبارة غامضة، والسياق واضح بدونها.
(٢) كذا في الأصل بتكرار اسم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.