للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجاهدًا لنفسِه ولعدوِّه. ولابدَّ أن يقع العبدُ في الذنوب التي تَفتِنُه، بل قد يقع فيما يَفتِنه عن الدين، قال تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٠]. وقال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]. وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: ٢١٤]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: ١٤٢]. وقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: ٣١].

وأمرُهم بهذا هو من أعظم نعمِه عليهم، وإذا يَسَّرهم لهذا فقد أتمَّ النعمةَ عليهم، فإن كلَّ ما يحبّه الإنسان يفارقه بالموت، كما في الحديث: «أحبِبْ من شئتَ فإنك مُفارِقُه» (١). فهو يُفارِقُه بغير اختياره، فإذا فارقه باختياره لله كان أنفعَ له في الدنيا والآخرة. والمكاره التي


(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٣/ ٢٥٣) والحاكم في المستدرك (٤/ ٣٢٤، ٣٢٥) والبيهقي في الشعب (١٠٥٤١) من حديث سهل بن سعد، وفي إسناده زافر بن سليمان، وهو صدوق كثير الأوهام. والحديث حسن لطرقه، وقد حسَّنه المنذري في الترغيب (٢/ ١١) والحافظ في أماليه كما في فيض القدير (١/ ١٠٣). وانظر: السلسلة الصحيحة (٨٣١).