للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرضي، والقبيح ضد ذلك، وصفات الكمال تعود إلى ذلك. فالحسن والقبح متعلقان بالعلة الغائية مطلقًا، وقد بسطنا هذا في غير موضع، كقاعدة مفردة في غير ذلك.

والقدرية لم ينبتوا الغاية كما ينبغي، بل تَخبَّطوا فيها، وإن كانوا من الحسن والقبح بَأصله دون تفصيله الصحيح، ثم عدلوا الله بخلقه تشبيهًا باطلاً مع غلوِّهم في إنكار التشبيه في الصفات، وإن كانوا أثبتوه هنا أصلاً، كما له أصل في الصفات، ولكن جهلوا التفصيل هنا، كما جهلوا هناك الأصل، وأنكروا أن يكون الله نفسه هو الغاية المقصودة، وأنكروا السبب، فأنكروا كونه خالقًا لأفعال العباد (١).

وإذا لم يصلح أن يكون هوى العبد هو الغاية المقصودة لذاتها مطلقًا، تبين فسادُ حالِ من اتخذ إلهه هواه، ومن عَبَدَ ما استحسن من دون الله، وهؤلاء المشركون المتبعون لأهوائهم المتخذون آلهتهم أهواءهم. ويُحكى ذلك عن البراهمة منكري النبوات، كما حكاه أبو الحسن الرَّبَعِي في كتاب "اتباع المرسلين في الاحتياط للدين "، قال: وقال قوم يُقال لهم البرهمية بقول عبدة الأصنام: ما استحسنه العبد فهو معبوده.

وهذا أيضًا حقيقة قول الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، إذ عندهم كل ما كان موجودًا يصلح أن يكون لكل عابد معبودًا، وإن كان عندهم كل عابد فهو أيضًا معبود، كما قال شيخهم صاحب الفصوص:


(١) بعده بياض بقدر سطر ونصف.