للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السفر أن يؤمِّروا أحدهم (١)، وهو أقلُّ جماعةٍ في أدنى اجتماع، فصارت الجماعة في حقهم رحمةً والفرقةُ عذابًا.

وإذا كانت الجماعة والإمارة فيهم ضرورية لجلب المنفعة ودفع المضرة، والمنفعةُ لا تُجتلَب إلّا بأموالٍ، والمضرة لا تندفع إلا بقوة، ومن المضرة ما يُعادي بني آدم من السباع وغيرها، وفي طباع بعضهم من البَغْي والعدوان ما يُوجِب أنه إن لم يُدفَعْ وإلَّا ضرَّ الباقين= كانوا مضطرين إلى رعاية الأموال ودفع الأعداء، وكانوا أيضًا في بقاء جنسهم مضطرين إلى النكاح، وإذا مات الميتُ منهم وكلُّهم محتاجٌ إلى ماله فلابدَّ من سببٍ يُوجِب تخصيصَ أحدهم.

ولابدَّ لهم أيضًا من دينٍ وإلاهٍ تعبُده قلوبُهم، يجتلبون منه المنفعة ويستدفعون به المضرَّة، فإن هذا من الضروريات اللازمة لهم، فإن أحدهم يحتاج إلى ما هو خارجٌ عن قدرته، فلا بدَّ له من إلاهٍ يَطلُب ذلك منه.

فهذه الأمور وأمثالُها لو وُكِلَ فيها كلُّ واحدٍ إلى رأيِه (٢).


(١) أخرجه أبو داود (٢٦٠٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٥٧) عن أبي سعيد الخدري، وأخرجه أبو داود (٢٦٠٩) والبيهقي (٥/ ٢٥٧) عن أبي هريرة. وإسنادهما حسن.
(٢) كذا في الأصل، ولعل المؤلف كتب العبارة وأراد أن يشطب عليه فلم يفعل، وسيأتي ما يفيد المعنى.