للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإرادة نفسُها، وكذلك الرضا والاصطفاء، فيقول: إنه سبحانه يريد الكفر ويرضاه كفرًا قبيحًا مُعاقَبًا عليه، ويحبّ أن يكون على ما هو عليه. وليس معنى قوله "إنه يحبه ويرضاه" أنه يراه حسنًا أو يُثنِي على صاحبه بفعلِه، بل يذمُّه بفعلِه ويلعنُه ويعاقبُه عليه.

قال أبو المعالي: ومن أصحابنا من قال: نأخذ هذه الإطلاقات بالشرع، فما لم يَرِد الشرعُ بإطلاقه لا نُطلِقُه، وهذا هو الأولى، وربما يقول هذا القائل: المحبَّة من الله صفة خبرية، يتبع في ذلك الخبر.

قال أبو المعالي: وإذا ثبت أن المحبة هي الإرادة فيترتَّبُ على ذلك أن يُعلَم أنه سبحانه لا تتعلق به المحبة على الحقيقة، فإنها هي الإرادة، والإرادةُ لا تتعلق إلا بمتجدد.

قلت: وهذا القول الذي قاله أبو الحسن هو اختيار القاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى في أحد قوليه الذي يقول فيه: إن الإرادة والرضا والمحبة واحد، كما قاله في "المعتمد" (١). وهذا خلاف المعروف عن المتقدمين من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم، كأبي بكر بن عبد العزيز وغيره، فإنهم يفرِّقون بين المحبّة والرضا (٢).

***


(١) ص ٧٥.
(٢) انتهى الكلام هنا في الأصل.