اعلم أن قول هؤلاء المنتسبين إلى ابن حمويه مضطربٌ مخبط، فإنه ليس توحيدًا محضًا، ولا إلحادًا محضًا، وإنما يظهر بظهور مذهب أهل التوحيد من المسلمين وسائر أهل الملل، وبظهور مذهب الملحدة الاتحادية مثل أصحاب ابن عربي وابن سبعين والتلمساني، ثمّ يتبينُ قولُ هؤلاء، فنقول:
أما مذهب المسلمين وسائر أهل الملل من اليهود والنصارى بل وسائر المقرِّين بالصانع فهو أن الله سبحانه حق موجود بنفسه، متميز عما سواه، وهو ربّ العالمين وخالق الخلق، وأنه ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاتِه شيء من ذاته، وأن جميع الكائنات عبادٌ لله فقراءُ إليه، وهو مالكهم وربهم وخالقُهم.
والقرآن من أوّله إلى آخره يذكر هذا التوحيد ويُبيّنه.
ومع هذا فلله أسماءٌ وصفاتٌ وصف بها نفسه ووصفَه بها رسولُه، ومن الجهمية من يُنكِرها أو بعضَها، ويَصِف الله بصفاتٍ سلبية تنافي ما جاءت به الرسل، وتكون تلك الصفات مستلزمة للتعطيل، لكن النفاة لا يُقِرُّون أو لا يعتقدون أنها تستلزم التعطيل.
والفلاسفة الصابئة القائلون بقِدَم العالم يقولون بواجب الوجود وبأنه ليس هو العالَم ولا جزءًا منه، لكن يُحكَى عن فريقٍ من الدهرية إنكارُ الصانع، وهذا هو الذي ذكره الله في القرآن عن فرعون أنه