والصواب أنه فيه الاشتقاق وعدم الاشتقاق، ففيه الاشتقاق الأصلي لا الوضعي، فليس في الاستعمال مشتقًّا كاشتقاق سائر الأسماء التي هي اشتقاقها اشتقاق الصفات. وأما في الأصل فإنه مشتق، وهذا يُسمَّى الاشتقاق الوضعي، وذاك يُسمَّى الاشتقاق الوصفي.
والأسماء جميعها هي أسماءٌ لله رب العالمين، وأما صاحب "الفصوص" وأصحابه الاتحادية فعندهم أسماء الله نِسَب وإضافات بين الوجود ليس موجودة، فهو يقول: إضافة بين الوجود الذي هو الله عنده وبين الثبوت؛ وغيرُه يقول: نسبةٌ بين أجزاء الوجود وجزئياته. وهؤلاء أعظم الناس إلحادًا في أسماء الله.
إذا عُرِف هذا فالفرق بين اسم الله والاسم الرحمن أن الرحمن متضمن للرحمة المتعلقة بالخلق، والاسم الله متضمن للعموم أو لخصوص الإلهية التي هي استحقاق العبادة. فأما كون هذا واصفًا والآخر موصوفا فهذا شيء ليس له دخولٌ في معنى اسم الله والاسم الرحمن.
ثم يُقال لهم: فهل كان اللهُ في كانِه قبلَ نزولِه إلى سِرِّ شأنِه مستحقٌّ لهذه الأسماء أم لا؟ فإن قالوا: لا، فهذا كفرٌ، وإن قالوا: نعم، قيل: فأنتم قد جعلتم الرحمن متأخرا عن نزوله إلى سرِّ شأنه!