للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) (١)، وقال: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)) (٢)، وقال تعالى: (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩)) (٣). فدلَّ ذلك على أن الذين عنده هم قريبون إليه، وإن كانت المخلوقات كلها تحت قدرته.

والقائل الذي قال: من لا يعتقد أن الله في السماء فهو ضال، إن أراد بذلك من لا يعتقد أن الله في جوف السماء بحيث تَحصُره وتُحيط به، فقد أخطأ. وإن أراد بذلك من لم يعتقد ما جاء به الكتاب والسنة واتفق عليه سلفُ الأمة وأئمتُها من أن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، فقد أصاب. فإنه من لم يعتقد ذلك يكون مكذبًا للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متبعًا لغير سبيل المؤمنين، بل يكون في الحقيقة معطِّلًا لربِّه نافيًا له، فلا يكون له في الحقيقة إلهٌ يَعبدُه، ولا ربّ يسألُه ويَقصِدُه. وهذا قول الجهمية ونحوهم من أتباع فرعون المعطل.

والله قد فَطَر العباد عَرَبَهم وعَجَمَهم على أنهم إذا دَعَوا الله توجهتْ قلوبهم إلى العلوّ، لا يقصدونَه تحت أرجلهم. ولهذا قال بعض العارفين: ما قال عارفٌ قَطُّ "يا الله" إلاّ وجد في قلبه قبلَ أن يتحرك لسانه معنىً يطلب العلوَّ، ولا يلتفت يَمنة ولا يَسْرةً.

والقائل الذي قال: إن الله لا ينحصر في مكانٍ، إن أراد به أنَّ الله لا ينحصر في جوف المخلوقات أو أنه لا يحتاج إلى شيء منها= فقد


(١) سورة الأنعام: ١١٤.
(٢) سورة الزمر: ١.
(٣) سورة الأنبياء: ١٩.