للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحزنون (٦٢) الذين آمنوا وكانوا يتقون (٦٣) لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم (٦٤)) (١).

فأولياء الله هم المؤمنون المتقون، وهم نوعان: الأبرار وأصحاب اليمين؛ والسابقون المقربون. فالأولون هم المقرَّبُون إلى الله بفعل ما فرضه وتَرْكِ ما حذَّره؛ والآخرون هم الذين يتقربون إليه بعد الواجبات بالنوافل المستحبات، كما روى البخاري في صحيحه (٢) عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "يقول الله تعالى: من عَادَى لي وليًّا فقد بارزَني بالمحاربة، وما تقرَّبَ إليَّ عبد بمثل أداءِ ما افترضتُ عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أحِبّه، فإذا أحببتُه كنتُ سَمْعَه الذي يَسمَعُ به، وبَصَرَه الذي يبصر به، ويدَه التي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَه التي يَمشيْ عليها، فبِيْ يَسمعُ، وبي يُبْصِر، وبي يَبْطِش، وبي يَمشِي. ولئن سألني لأعْطِيَنَّه، ولئن استعاذَ بي لأعِيْذَنِّه. وما تردَّدتُ عن شيء أنا فاعلُه تردُّدِيْ عن قبضِ نفسِ عبدي المؤمن، يَكره الموتَ وأَكرهُ مَسَاءتَه، ولابُدَّ له منه".

فقد بيَّن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذا الحديث نوعَ أولياء الله المتقربين بالفرائض،

ونوعَ أهل النوافل بالمحبة. ومالم يكن من الواجبات ولا من المستحبات، ولم يأمر اللهُ به ورسولُه لا أمرَ إيجاب ولا استحباب، ولا فَضَّلَه اللهُ ورسولُه بالترغيبِ فيه، فليس من الأعمال الصالحة، وليس من العبادات التي يتقَرَّبُ بها إلى الله، وإن كان كثير من عُبادِ المشركين وأهلِ الكتاب والمبتدعين يتقربون بما يظنونه عباداتٍ،


(١) سورة يونس: ٦٢ - ٦٤.
(٢) برقم (٦٥٠٢).