للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٦٠ - ٦٢]، ولو تاب قبل أن يؤخذَ، وأظهر التوبةَ بحيث تغيّر حاله وهجرَ ما كان عليه أولًا، قُبِلتْ توبتُه.

وكذلك أرجح القولين أن كل مَنْ تابَ قبلَ الرفع إلى الإمام لم يقم عليه [الحدّ]، ولو جاء إلى الإمام تائبًا فأقر لم تجب إقامة الحدّ عليه، فلا تجب إقامته على تائب. لكن مَن جاء مقرًّا وطلب من الإمام أن يُقيمه فله أن يقيمه، لأنه من تمام تطهيره، وللإمام أن يدفع مَن جاء مقرًّا تائبًا، بخلاف من أُخِذَ قهرًا واعترف بهذا ولم تظهر منه توبة، فقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] نص عام، ومَن جاء مقرًّا تائبًا فقد تابَ قبل القدرة عليه، فإن هذا قد ظهر صدقُه في توبته، بخلاف من قامت عليه البيّنةُ ثم تاب، أو أقرَّ بعد أن أخذوه، فإن هذا لا يُعرَف صحة توبته، ولو أُسقِط الحدُّ عن مثلِ هذا لأمكنَ كلَّ مجرمٍ أن يُظهِر مثلَ هذه التوبة.

وقد قال بعض العلماء عمّن تاب عند رؤية السيف، {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: ٨٤ - ٨٥]، وهذا لأن هؤلاء قد يتوبون مثل توبة آل فرعون، وينقضون التوبة. أو يكون هذا العالم رأى معاينة القتل لم يتحتم مثل معاينة الملَك، ولكن هذا مثل من يُطعَنُ في جوفه ويجيئه