أصاب. وإن أراد أن الله ليس فوقَ السماوات، ولا هو على العرش، وليس هناك إله يُعبَد، ومحمدٌ لم يُعرَجْ به إلى الله= فهذا جهمي فرعوني معطِّل.
ومنشأ الضلال أن يظنّ أن صفاتِ الربّ كصفاتِ خلقِه، فيظنّ أن الله سبحانه على عرشه كالملك المخلوق على سريره، فهذا تمثيل وضلال. وذلك أن الملك مفتقر إلى سريره، ولو زال سريرُه لسقَط، والله غني عن العرشِ وعن كلِّ شيء، والعرشُ وكلُّ ما سواه فقير إلى الله، وهو حامل العرش وحملة العرش، وعلوُّه عليه لا يُوجب افتقارَه إليه، فإنّ الله قد جَعَلَ المخلوقاتِ عاليًا وسافلًا، وجَعَلَ اَلعاليَ غنيًّا عن السافل، كما جعل الهواء فوق الأرض، وليس هو مفتقرًا إليها، وجعل السماء فوق الهواء، وليست محتاجةً إليه. فالعليُّ الأعلى ربُّ السماوات والأرض وما بينهما أولى أن يكون غنيًّا عن العرشِ وسائرِ المخلوقات وإن كان عاليًا عليها، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.
والأصلُ في هذا الباب أنَّ كل ما ثبت في كتاب الله أو سنة رسوله وجبَ التصديقُ به، مثل عُلوِّ الربّ واستوائه على عرشه ونحو ذلك. وأما الألفاظ المبتدعة في النفي والإثبات مثل قول القائل: هو في جهة أو ليس هو في جهة، وهو متحيز أو ليس بمتحيز، ونحو ذلك من الألفاظ التي تنازع فيها الناس، وليس مع أحدهم نصٌّ، لا عن الرسول ولا عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا أئمة المسلمين، فإن هؤلاء لم يقل أحدٌ منهم: إنّ الله في جهة، ولا قال: ليس هو في جهة؟ ولا قال: هو متحيز، ولا قال: ليس بمتحيز؟ ولا قال: هو جسم أو جوهرٌ، ولا قال: ليس بجسم ولا جوهر. فهذه