للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حيًا ثم اتبعتموه وتركتموني لضلَلْتُم". وفي رواية (١): "لو كان موسى حيًا ما وسعَه إلا اتباعي". وقد قال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١)) (٢). قال ابن عباس (٣): ما بعثَ الله نبيًّا إلا أخذَ عليه العهدَ والميثاقَ لئنْ بُعِثَ محمدٌ وهو حيٌّ ليؤمننَّ به ولينصرنَّه، وأمره أن يأخذَ الميثاقَ على أمته لئن بُعِثَ محمدٌ وهم أحياء ليؤمنُنَّ به ولينصُرنَّه.

وهذا كما يُعلَم بالاضطرار من دين الإسلام أن الله بعث محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى جميع أهل الأرض، عربِهم وعجمِهم، أمّيَهم وكتابيِّهم، إنسِهم وجِنِّهم. فلا يَقبل الله من أحدٍ عملاً يخالف شريعتَه وإن كان ذلك العملُ مشروعًا لبعض الأنبياء. فمن اتبعَ الشرعةَ والمنهاجَ الذي كان مشروعًا لموسى وعيسى ونُسِخ على لسانِ محمدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهو كافرٌ باتفاق المسلمين، وإذا كان هذا فيما عُلِمَ أنه مشروعٌ للأنبياء، فكيف بما يُحكَى عنهم ولا يُعلَم صِحَّتُه؟ فلا يجوز لأحدٍ أن يثبتَ بالإسرائيلياتِ لا صحيحِها ولا ضعيفِها حكمًا يُخالِفُ شريعةً محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والمنقولاتُ من


= طريق مجالد عن الشعبي عن جابر، وحسَّنه الألباني في "إرواء الغليل" (١٥٨٩) لشواهِده.
(١) لأحمد (٣/ ٣٨٧).
(٢) سورة آل عمران: ٨١.
(٣) أنظر: تفسير الطبري (٣/ ٢٣٧) ونحوه عن السدي في تفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٦٩٤).