للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذهبهما، والصحيح أن وقتها ممتدٌّ بلا كراهة إلى اصفرار الشمس، وهو الرواية الثانية عن أحمد، كما نطقَ به حديث عبد الله بن عمرو (١) بما عمل به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة بعد عملِه بمكة، وهذا قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. فلم يكن للعصر وقتٌ متفقٌ عليه، ولكن الصواب المقطوع به الذي تواترت به السننُ واتفق عليه الجماهير أن وقتها يدخل إذا صار [ظلُّ] كل شيء مثله، وليس مع القول الآخر نقلٌ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا صحيحٌ ولا ضعيفٌ، ولكن الأمراء الذين كانوا يؤخِّرون الصلاة لمَّا اعتادوا تأخيرَ الصلاة [و] اشتهر ذلك صار يظنُّ من ظنَّ أنه السنة، وقد احتج له بالمثل المضروب للمسلمين وأهل الكتاب (٢)، ولا حجةَ فيه باتفاق أهل الحساب على أن وقت الظهر أطولُ من وقت العصر الذي أولُه إذا صار ظلُّ كل شيء مثلَه.

وأما أوقات الحاجة والعذر فهي ثلاثة: من الزوال إلى الغروب، ومن المغرب إلى الفجر، ومن الفجر إلى طلوع الشمس. فالأول وقت الظهر والعصر -عند العذر- واسع فيهما من وجهين:

أحدهما: تقديم العصر إلى وقت الظهر، كما قدَّمها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومِ عرفة، وكما كان يُقدِّمها في سفَرةِ تبوك إذا ارتحلَ قبلَ أن تَزِيغ الشمسُ، أو تقديم العشاء إلى المغرب في المطر. فهذا جمعُ تقديم.

والثاني: جمعُ تأخير العصر فيها إلى المغرب، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في


(١) أخرجه مسلم (٦١٢).
(٢) أخرجه البخاري (٥٥٨، ٢٢٧١) من حديث أبي موسى الأشعري.