للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث الصحيح (١): "مَن أدركَ ركعةً من الفجر قبلَ أن تَطْلُعَ الشمسُ فقد أدرك الفجر، ومن أدرك ركعةً من العصر قبل أن تَغرُبَ الشمسُ فقد أدركَ العصرَ". هذا مع قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الصحيح (٢): "وقتُ العصر ما لم تَصْفَرَّ الشمسُ". وأنه لم يُؤخر الصلاةَ قَط إلى الاصفرار، ويومَ الخندق كان التأخير إلى بعد الغروب، وهو منسوخٌ في أشهرِ قولي العلماء بقوله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) (٣).

وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد في أشهر الروايتين عنه. وقيل: يُخيَّر حالَ القتال في التأخير والصلاة في الوقت بحسب الإمكان، وهو الرواية الأخرى عنه. وقيل: بل يؤخرها، وهو قول أبي حنيفة أيضًا، ففي الحديث الصحيح (٤) عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "تلك صلاةُ المنافق، تلك صلاةُ المنافق، يَرقُبُ الشمسَ حتى إذا كانت بينَ قَرْنَي الشيطان قامَ، فنَقَرَ أربعًا لا يذكرُ الله فيها إلا قليلاً". فوصف صلاة المنافق بالتأخير إلى حين الغروب والنَّقْر، فدلَّ على المنع من هذا وهذا، فلما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا وهذا عُلِمَ أن الوقتَ وقتانِ، فمن أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغربَ الشمس فقد أدرك مطلقًا، وليس له أن يُؤخر إلى ذلك الوقت مع إمكان الصلاة قبلَه، بخلاف من لا يمكنه الصلاة قبلَ ذلك، كالحائض إذا طَهُرَتْ، والمجنون يُفيق، والنائم يستيقظ، والناسي يذكر. فدلَّ تقديمُه للعصر يومَ عرفةَ على أنها تُفعَل في موضعٍ مع الظهر عقيب


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سورة البقرة: ٢٣٨.
(٤) سبق تخريجه.