للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزوال، ودلَّ هذا الحديث على أنها يُدرَك وقتها بإدراك ركعة منها قبل الغروب، مع أنه جائز (١) بقوله وفعله أن وقتَها إذا صارَ ظِل كل شيء مثلَه ما لم تَصْفرَّ الشمسُ، فدلَّ على أنَّ هذا الوقت المختصَّ بها وقتٌ مع التمكن والرفاهية، ليس لأحد أن يؤخِّرها عنه ولا يُقدِّمها عليه.

وقد عُرِف عن الصحابة كعبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم أنهم قالوا في الحائض: إذا طَهُرتْ قبلَ غروب الشمس تصلي الظهر والعصر، وإذا طَهُرتْ قبل طلوع الشمس (٢) صلَّت المغرب والعشاء. ولم يُعرَف عن صحابي خلافُ ذلَك، وبذلك أخذ الجمهور كمالك والشافعي وأحمد. وهذا مما يدلُّ على أنه كان الصحابة [يرون] أن الليل عند العذر مشترك بين المغرب والعشاء وإلى الفجر، والنصف الثاني من النهار مشترك عند العذر بين الظهر والعصر من الزوال إلى الغروب، كما دلَّ على ذلك السنة، والقرآن يدلُّ على ذلك، قال الله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) (٣)، فالطرف الأول صلاة الفجر، فإن صلاة الفجر من النهار، كما قد نصّ على ذلك أحمد، فإن الصائم يصوم النهار، وهو يصوم من طلوع الفجر، والوتر يصلَّى بالليل. وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلاةُ الليل مَثْنى مَثْنى، فإذا خفتَ الصبحَ فأوترْ بركعة" (٤). فليس لأحد أن يتعمَّد تأخير


(١) كذا في الأصل.
(٢) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "الفجر". وانظر هذه الآثار في "شرح العمدة" (كتاب الصلاة) للمؤلف (ص ٢٣٠).
(٣) سورة هود: ١١٤.
(٤) أخرجه البخاري (١١٣٧) ومسلم (٧٤٩) من حديث ابن عمر.