للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوقت إلى ما بعد طلوعِ الفجر عند جماهير العلماء، كأبي حنيفة والشافعي وأحمد في ظاهر مذهبه.

وإذا قيل: "نصف النهار" فالمراد به النهار المبتدئ من طلوع الشمس، فهذا في هذا الموضع، ولفظ "النهار" يُراد به من طلوعِ الفجر، ويُراد به من طلوع الشمس، لكن قوله (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ) أريد به من طلوع الفجر بلا ريب، لأن ما بعد طلوع [الشمس] ليس على المسلمين فيه صلاة واجبة بل ولا مستحبة، بل الصلاة في أول الطلوع منهيّ عنها حتى ترتفع الشمسُ. وهل تُستحبّ الصلاة لوقت الضحى أو لا تُستحبّ إلا لأمرِ عارضِ؟ فيه نزاعٌ ليس هذا موضعه.

فعُلِم أنه أراد بالطرف الأول من طلوع الفجر، وأما الطرف الثاني فمن الزوال إلى الغروب، فجعل الصلاة وأشرك بينهما فيه، ثم قال: (وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) وهي ساعات من الليل. فالوقت هنا ثلاثة، وكذلك في قوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (٧٨)) (١). فالدلوك: الزوال عند أكثر السلف، وهو الصواب، يقال: دَلَكَتْ وهي الشمسُ إذا زالت. وغسق الليل: اجتماع الليل وظلمتُه. فالأول يتناول الظهر والعصر تناولاً واحدًا، والثاني [يتناول المغرب والعشاء] تناولا واحد، ثم قال: (وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ) وهي صلاة مفردة لا تُجمَعُ ولا تُقْصَر.


(١) سورة الإسراء: ٧٨.