القذَّة بالقذَّة، حتى لو دخلُوا جُحْرَ ضبٍّ لدخلتموه". قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: "فمَنْ" (١)؟!
ولهذا يؤخَذ ما يَعرِض لهؤلاء بإزاء ما يعرض لهؤلاء.
فأهل النظر والعلم والكلام المُحْدَث قد يقعون في نَفْيِ ما أثبته الرسول من الأمور التي وصفها، كما يقع أهل الإرادة والعبادة والتصوّف المُحْدَث في الفناء عمّا أَمر به الرسول من الأعمال التي شَرَعها.
ثم أولئك منهم مَن يجعلُ النفيَ لما أثبته الرسول من الصفات والكلام وغير ذلك، هو غاية المعرفة والتحقيق والتوحيد، كما فَعَلَت الجهمية المَحضة.
ومنهم مَن يَجعلُ كثيرًا مما أُحْدِثَ من الكلام لازمًا لسالك الطريق، حتى يَعْرِفَ مطلوبَه بالدليل النظري، وبعدّة أمور أخرى.
وبعضهم يجعل مَنْ وقع في شيء من ذلك مُلْحِدًا خارجًا عن الدين.
والتحقيق: أن هذا أمرٌ يعرض لبعض الناس، فقد يحتاج بعض الناس لشبهةٍ عَرَضت له إلى ما يزيلها عنه، وقد يحتاج في بعض الأمور إلى دليل مُعيَّن، وقد يقع كثير منهم في بعض البدع المحْدَثة.
(١) أخرجه البخاري (٧٣٢٠)، ومسلم (٢٦٦٩) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.