هذا فصل فيما ذكره الحافظ تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية في الكلام على الإجماعات، ومن جملتها الكلام على ما ذكره الشيخ الإمام أبو محمد بن حزم.
قال أبو محمد بن حزم في كتابه المصنَّف في مسائل الإجماع: أما بعد، فإن الإجماع قاعدة من قواعد الملة الحنيفية، يُرجَع إليه ويُفزَع نحوه ويُكفَّر من خالفَه إذا قامت عليه الحجة بأنه إجماع. وإنّا أمَّلنا بعون الله أن نجمع المسائل التي صحَّ فيها الإجماع، ونفردها من سائر المسائل التي وقع فيها الخلاف بين العلماء.
إلى أن قال: وقد أدخَلَ قومٌ في الإجماع ما ليس فيه، فقومٌ عدُّوا قولَ الأكثر إجماعًا، وقومٌ عدُّوا مالا يعرفون فيه خلافًا، وإن لم يقطعوا على أنه لا خلاف فيه، فحكموا على أنه إجماع، وقومٌ عدُّوا قولَ الصاحب المشهور المنتشر إذا لم يعلموا له من الصحابة مخالفًا إجماعًا، وقومٌ عدُّوا اتفاقَ العصر الثاني على أحد القولين أو أكثر كانت للعصر الأول قبله إجماعًا.
قال: وكلُّ هذه الآراء فاسدة. ويكفي من فسادِها أنهم يتركون في كثيرٍ من مسائلهم ما ذكروا أنه إجماعٌ. وإنما نَحَوْا في تسمية ما وصفنا إجماعًا عنادًا منهم وشغبًا عند اضطرار الحجة والبراهين لهم إلى تركِ اختياراتهم الفاسدة.
قال: وأيضًا فإنهم لا يُكفِّرون من خالفَهم في هذه المعاني، ومن شرطِ الإجماع الصحيح أن يُكفَّر من خالفَه بلا اختلافٍ من أحدٍ من المسلمين في ذلك، فلو كان ما ذكروه إجماعًا لكُفِّر مخالفوهم، بل