للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخر لبعض الظَّلَمَة الذين يتناول مِنْ أموالهم ــ لمَّا قيل: إنه مكّاس ــ فقال: إن كان عصى الأمر فقد أطاع الإرادة (١).

وأمثال ذلك.

ثم إذا صاروا عينًا لم يفرقوا بين الربّ والعبد، ولم يشهدوا لا طاعة ولا معصية، بل كما قال بعضهم (٢):

ما الأمر إلا نسقٌ واحدٌ ... ما فيه من حَمْدٍ ولا ذمِّ

وإنما العادةُ قد خصَّصت ... والطبعُ والشارعُ بالحكم

وهذا هو النوع الثالث من أنواع الفناء، وهو الفناء عن وجود السِّوَى، بحيث يجعل وجود المخلوقات عين وجود الحق، فلا يكون ثَمَّ غيرٌ يكون له وجود أصلًا. فيتكلم هؤلاء فيما يُسمُّونه مفتاح غيب الجمع والوجود.

ومضمون أمرهم: أن الوجودَ كلَّه واحد، وهو واجب الوجود بنفسه، ولا يُفرِّقون بين الواحد بالعين، والواحد بالنوع، ولا بين كون وجود المخلوقات بالله وبين كونها هي لله، كمن لا يُفَرِّقُ بين الشمس وبين شعاعها، ولا يميزون بين العالمين، وبين ربّ العالمين.


(١) عزاه المصنف في "الفتاوى": (٨/ ٢٥٧) لبعض أصحاب الحريري.
(٢) نسبهما المصنف في "الفتاوى": (٢/ ٩٩)، و"جامع الرسائل": (١/ ١٠٥) إلى القاضي تلميذ (ابن عربي) صاحب الفصوص.