للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتصدَّقْنَ، وقال: «إنَّكُنَّ أكثر أهل النار» (١)، فجعلت المرأة تُلقِي حليها، وذلك مثل الخواتيم والقلائد. ومعلومٌ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُعطي ذلك الفقراء والمساكين، وكانوا يبيعون، ومعلومٌ بالضرورة أن مثل هذا لابدَّ أن يُباع ويُشترى، ومعلومٌ بالضرورة أن أحدًا لا يبيعُ هذا بوزنه، ومن فعل هذا فهو سفيهٌ يستحقُّ أن يُحْجَر عليه. كيف وقد كان بالمدينة صوَّاغون، والصائغ قد أخذ أجرتَه، فكيف يبيعه صاحبه ويخسر أجرة الصائغ؟ هذا لا يفعله أحد، ولا يأمر به صاحب شرع، بل هو مُنزَّه عن مثل هذا.

ولا يُعرَف عن الصحابة أنهم أمروا في مثل هذا أن يباع بوزنه، وإنما كان النزاع في الصرف والدرهم بالدرهمين، فكان ابن عباس يبيح ذلك، وأنكره عليه أبو سعيد وغيره. والمنقول عن عمر إنما هو في الصرف.

وأيضًا فتحريم ربا الفضل إنما كان لسدّ الذريعة، وما حرم لسدِّ الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كالصلاة بعد الفجر والعصر، لما نُهِيَ عنها لئلا يُتشبَّه بالكفار الذين يعبدون الشمس ويسجدون للشيطان، أبيح للمصلحة الراجحة، فأبيح صلاة الجنازة، والإعادة مع الإمام، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صلَّى الفجر ورأى رجلين لم يصلِّيا وقالا: صلينا في رحالنا، فقال: «إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجدَ جماعةٍ فَصَلِّيا


(١) أخرجه البخاري (١٤٦٢) ومسلم (٨٠) من حديث أبي سعيد الخدري.