للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وردةً كالدِّهان (١)، وتُسَيرُ الجبالُ (٢) وتُبَسُّ بَسًّا (٣)، وتُدَكُّ الأرضُ (٤)، وتُسَجَّرُ البحارُ (٥)، وتنكدرُ النجومُ (٦) وتتناثَر (٧)، وغير ذلك مما أخبر الله به في القرآن، لم يُخبِر بأنه يُعدِمُ كلَّ شيء، بل أخبارُه المستفيضةُ بأنه لا يُعدِمُ الموجوداتِ.

فقوله: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦)) (٨) أخبر فيه بفناءِ مَن على الأرض فقط، والفناءُ يُرادُ به الموتُ ولا يُرادُ به عَدَمُ ذَواتِهم، فإن الناس إذا ماتوا صارتْ أرواحُهم إلى حيثُ شاء الله من نعيمٍ وعذاب، وأبدانهم في القبور وغيرها، منها البالي وهو الأكثر، ومنها ما لا يَبْلَى كأبدان الأنبياء (٩)، والذي يَبْلَى يَبقَى منه عَجْبُ الذَّنَب، منه بَدَأ الخَلْقُ ومنه يُرَكَّبُ (١٠). فهؤلاء لما قالوا: إنّه يُفنِي جميع العالمِ وإنّ ذلك واقع وممكن، احتاجوا إلى تلك الأقوالِ الفاسدة، وإلاّ فالفناء الذي أخبرَ به القرآنُ هو الفناء المشهودُ بالاستحالة إلى مادة، كما كانَ الإحداثُ


(١) كما في سورة الرحمن: ٣٧.
(٢) كما في سورة النبأ: ٢٠.
(٣) كما في سورة الواقعة: ٥ - ٦.
(٤) كما في سورة الفجر: ٢١.
(٥) كما في سورة التكوير: ٦.
(٦) كما في سورة التكوير: ٢.
(٧) كما في سورة الانفطار: ٢.
(٨) سورة الرحمن: ٢٦.
(٩) كما في الحديث الذي أخرجه أحمد (٤/ ٨) وأبو داود (١٠٤٧، ١٥٣١) والنسائي (٣/ ٩١) وابن ماجه (١٠٨٥، ١٦٣٦) عن أوس بن أوس.
(١٠) كما في حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم (٢٩٥٥).