للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنقسم إلى هذين القسمين. ثم إما أن يكون الصوت والحركة لطلب المحبوب أو دفع المكروه أو لحصول المحبوب أو لحصولِ المكروه، فصارت الأصوات أربعة: صوت شوق، وصوت غضب، وصوت فرح، وصوت حزن. فالشوق والفرح من بابٍ، والغضب والحزن من باب.

ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصوتين الأحمقين الفاجرين: صوتِ الحزن وصوتِ الفرح (١)، ولهذا استُحِبَّ خفضُ الصوتِ في المواطن الثلاث: موطن الغضب والحزن وموطن الذكر، قال قيس بن عُبَاد: كانوا يستحبون خفضَ الصوتِ عند الذكر وعند الجنائز وعند التحام الحرب (٢).

وقد ابتدع الناسُ عند الذكر رفعَ أصواتٍ وعند الجنائزِ أيضًا، وعند الحرب بُوقاتٍ ودَبادِبَ، وابتدعوا المكاء والتصدية المضارع للذكر، وحصل عنده أصواتٌ وحركاتٌ. ورخِّص في الصوت عند الفرح الشرعي، واستحبَّ عند النكاح لإعلانه.

فالذي يحصل من الرقص والحركات هو خلاف القصد في المشي، والذي يحصل من الغناء والمزامير خلاف غضّ الصوت، ولهذا


(١) أخرجه أبو يعلى والبزار عن جابر بن عبد الله، كما في مجمع الزوائد (٣/ ١٧)، قال الهيثمي: "في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وفيه كلام". وانظر: شرح السنة للبغوي (٥/ ٤٣١).
(٢) أخرجه بنحوه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٢٧٤). وأخرج أبو داود (٢٦٥٦) عنه قوله: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرهون الصوت عند القتال.