للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواه مالك (١) والشافعي (٢) وأحمد بن حنبل (٣) ومسلم في صحيحه وغيرهم.

لكن ليس معنى ذلك أن الله في جوف السماء، وأن السماوات تَحصُره وتَحوِيه، فإن هذا لم يَقُلْه أحدٌ من سلف الأمة وأئمتها، بل هم متفقون على أن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاتِه شيء من مخلوقاته.

وقد قال مالك بن أنس: إن الله في السماء، وعِلمُه في كلّ مكان (٤). وقالوا لعبد الله بن المبارك: بماذا نعرف ربَّنا؟ قال: بأنه فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه. وقال أحمد بن حنبل كما قال هذا وهذا (٥).

وقال الشافعي: خلافة أبي بكر حقّ قضاها الله في سمائه، فأجمعَ عليها قلوب أوليائه. وقال الأوزاعي (٦): كنّا والتابعون متوافرون نُقِرُّ بأن الله فوقَ عرشِه، ونُؤمن بما وردت به السنة من صفاته.

فمن اعتقد أن الله في جوف السماء محصور مُحاط به، أو أنه مفتقر إلى العرش أو غيرِ العرش من المخلوقات، أو أن استواءه على عرشه كاستواء المخلوق على كرسيه= فهو ضال مبتدع جاهل.


(١) في "الموطأ" (٢/ ٧٧٧).
(٢) في "الأم" (٥/ ٢٨٠) و"الرسالة" (فقرة ٢٤٢).
(٣) في "المسند" (٥/ ٤٤٧، ٤٤٨).
(٤) أخرجه عنه عبد الله بن أحمد في "السنة" (ص ٥) وأبو داود في "مسائل الإمام أحمد" (ص ٢٦٣) والآجري في "الشريعة" (ص ٢٨٩) وغيرهم.
(٥) أخرجه عثمان الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص ٥٠) و"الرد على بشر المريسي" (ص ٢٤، ١٠٣) وعبد الله بن أحمد في "السنة" (ص ٧، ٢٥، ٣٥، ٧٢). وانظر "درء التعارض" (٢/ ٣٤).
(٦) أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص ٤٠٨).