للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أمثالُهم، ولم يكن كذلك. وهؤلاء أفضلُ خلفاءِ الرُّسُل وأبدالهم ووُرَّاثهم.

وأيضًا فمن يكون بدلاً عن الأنبياء كثيرون إذا كَثُرَ الإيمان والتقوى، قليلون إذا قَل ذلك، ومعلومٌ أنَّ المؤمنين المتقين ليسوا إذا مات منهم واحدٌ قامَ مقامَه غيرُه.

وقد قيل في معنى الأبدال: إنهم بَدَّلُوا سيئاتِهم حسناتٍ. وهذا معنى التائبين، فكل مؤمنٍ تابَ من سيئاتِه له هذا المعنى.

وزعمَ بعضُهم أنَ البدلَ إذا غابَ عن مكانه أُبدِلَ بصورةٍ على مثالِه. وهذا باطل، ولم يكن السلف يَعْنُون بالبدل هذا المعنى، ولا يجعلون ذلك لازمًا لمن يسمونه بهذا الاسم.

وأما اسم "القُطْب" (١) فالقطب مأخوذ من قطب الرَّحَى، وهو ما يدور عليه الرحَى، وكذلك قطب الفلك وغيرُ ذلك من الأجسامِ الدائرة. فالشخص الذي يدور عليه أمر من الأمورِ هو قطبُ ذلك الأمرِ، وأفضلُ الخلقِ هم الرُّسُلُ، وعليهم تدور رسالةُ الله إلى خلقه، وتبليغُهم أمرَه ونهيَه ووعدَه ووعيدَه،/وكلُّ من دارَ عليه أمرٌ من الأمورِ فهو قُطبُه، فإمامُ الصلاةِ قُطبُ الإمامة، ومؤذِّنُ المسجد قُطبُ الأذان، وحاكم البلد قطب القضاء، وأميرُ الحرب قطبُ هذه الإمارة، وأئمة الهُدَى -كالشيوخِ الذين يُقتدَى بهم في دينِ الله- هم أقطابُ ما دارَ عليهم من ذلك. ومَن يُنْصَر المسلمون ويُرْزَقون


(١) انظر كلام المؤلف على هذا اللفظ في "مجموع الفتاوى" (١١/ ٤٤٠).