للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئًا فوقَه لَلَزِم أن يكون فلكًا تاسعًا، وهو مبني على أن الأفلاك مستديرةٌ، وهذا ثابت بالسمع والعقل. وربما قال بعضهم: إنّ الأفلاك هي تحت الأرض، فلو كان فوق العالم للزم أن يكون تحت هذه الأرض ... (١) تحت بعض الناس.

فهذا حقيقةُ كلامِه، وأما بيانُ بطلانِه فمن وجوهٍ:

أحدها أن يقال: لا يخلو إمّا أن يكون الخالقُ تعالى مباينًا للمخلوقات، وإما أن يكون محايثًا لها، وإما أن لا يكون لا مباينًا ولا محايثًا لها" وإن شئتَ قلتَ: إمَّا أن يكون داخلَ العالمِ، وإما أن يكون خارجَه، وإما أن لا يكون لا داخلَ العالم ولا خارجَه؛ وإن شئت قلت: هو سبحانه لما خلقَ العالم إما أن يكون دخلَ فيه أو أدخلَه في نفسِه (٢)، أو لا دَخَل (٣) فيه ولا أدخله في نفسه.

فإن قال: إنه داخلَ العالم مُحايثٌ له أي هو بحيث العالم، والعالم أجسامٌ قام بها أعراض هي اَلصفات، فالذي هو داخلٌ فيه محايثٌ له: إمَّا عَرَضٌ قائمٌ بأجسامه وإما بعضُ أجسامِه، وعلى القول بكون سطح الفلك محيطًا به فالقول بكون الفلك محيطًا به أبعد عن العقل والدين من كونه محيطًا بالفلك.

فإن قال: يُمكِن في العقل أن يكون داخلَ العالم ولا يكون جسمًا من أجسام العالم ولا عرضًا قائمًا به.

قيل له: فإن كان هذا جائزًا في العقل فكونُه خارجًا عن العالم


(١) هنا في الأصل كلمتان مطموستان.
(٢) في الأصل: "نفسًا"، وأثبتنا ما يقتضيه السياق.
(٣) في الأصل: "ولا داخل".