للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستفيدًا له بمجرد خبره، بل بالنظر والاستدلال العقلي الذي أرشده إليه الرسول، كما بيَّن الله تعالى في القرآن الدلائل الدالة على وحدانيته، وصِدْق رُسله، وإمكان المعاد، وإثبات [ق ١٨٣] صفاته.

والرسل صلوات الله عليهم وسلامه لمَّا جاءوا بالآيات والبراهين عُرِف صدقهم بالنظر والاستدلال بالعقل.

والتعريف الثاني: أن تخبرهم الرسل بما (١) لا تهتدي إليه عقولُهم، بهذا يعرفونه بإخبار الرسول؛ لكونهم استدلوا بالعقل على صدق الرسول بالآيات الدالة على صدقه (٢). وإبراهيم عليه الصلاة والسلام وغيره من الأنبياء والرسل استدلوا بالدلائل العقلية والبراهين اليقينية، وكانوا مرشدين للناس إلى الاستدلال بها، وهو الطريق الأول من طريق تعريف الرسل عليهم السلام.

فقول القائل في العقل: هل هو حجة؟ إن أراد به هل يُعْرف بالعقل شيءٌ من العلوم الإلهية وغيرها بدون الرسل، فلا ريبَ أن العقول يُعرَف بها كثير من العلوم مع قطع النظر عن الشرائع.

وإن أراد به هل تقوم الحجة على العباد بمجرّد عقولهم، فيعاقبهم الله على كفرهم لمخالفتهم مجرّد العقل، من غير أن يبعث الله إليهم رسولًا؟ فالذي عليه جمهور المسلمين: أن الله تعالى لا يعذِّب أحدًا


(١) الأصل: "لما".
(٢) كذا العبارة في الأصل، وهي غير محررة. ولعلها: "فهذا يعرفونه ... لكنّهم استدلوا".