للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولدِه ووالدِه والناسِ أجمعين ".

وفي صحيح البخاري (١) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له: يا رسول الله! فلأنتَ أحبُّ إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال: "لا يا عمر، حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك فقال: فلأنت أحبُّ إليَّ من نفسي، قال: "الآن يا عمر".

ومحبتُه رضي الله عنه إنما هي تابعة لمحبة الله، كما قال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ) (٢).

وأما محبة الله فهي الأصل، فإنه يجب أن يُحَبَّ لذاته، وليس هذا لغيره، وهي أصل التوحيد العملي، كما قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (٣)، وقال: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) (٤).

ونحن بيَّنَّا بما ذكرناه من البرهان امتناع الدور، وأنه لا يجوز أن يكون كل من الشيئين سببًا للآخر وعلة له ولا حكمة له ومعلولاً له،


(١) برقم (٦٦٣٢).
(٢) سورة التوبة: ٢٤.
(٣) سورة البقرة: ١٦٥.
(٤) سورة المائدة: ٥٤.